التجربة المحرّمة
تجربة الحرمان من اللغة
لو احضرنا 100 طفل ولدوا حديثاً .. وقبل أن يحدث أي تماس بينهم وبين العالم الخارجي , وضعناهم في مكان معزول , ثم كبر هؤلاء الأطفال بعيداً عن الناس .. ما هي اللغة التي سيتكلمون بها ؟!
كيف سيتواصلون مع بعضهم ؟
كيف ستكون طباعهم ؟
هذه الحالة تسمى "تجربة الحرمان من اللغة"
وقد طبقت مراراً على مدار التاريخ , ليصلوا الى جواب دقيق حول سؤال
#ما_هو_مصدر_اللغة ؟
لطالما سألنا أنفسنا هذا السؤال , من أول شخص تكلم اللغة العربية ؟
لماذا سمي هذا حصان ؟ ولم يسمى رفوه مثلاً !!
من وضع اللغة الانجليزية ؟
طبعاً بعد تفكير لثواني ستكتشف انه من غير الأخلاقي تطبيق هذه التجارب على الأطفال , للوصول لاجابة سؤال غير مهم , ما هي اللغة ؟
نعم أتفق معك , لذلك أطلق على هذه التجربة اسم #التجربة_المحرمة .
لكن نحن هنا لا نريد تجربتها , بل سنرى ما آلت اليه تلك التجارب , سمعنا عن كثير من الحالات التي تم عزلها عن العالم بشكل غير مقصود , كأشخاص فقدوا وعاشوا في البرية , "ماوكلي" مثلاً
لكن تلك قصص وهمية من نسج خيال المؤلف.
لكن يوجد بالفعل قصص حقيقية مشابهة , مثل الفتاة الأوكرانية التي تدعى "أوكسانا" , هذه الفتاة عاشت مع الكلاب وكانت تتواصل مع الكلاب بلغتهم , وبعد اجراء عدة تجارب على الفتاة توصل العلماء انه يمكن للبشر التعايش مع البيئة التي وجدوا فيها باللغة الموجودة فيها , وبالطبع سلوكهم سيكون مشابه للبيئة أو المكان الذي نشؤوا به , أو ابتكار لغات جديدة فالحاجة أم الإختراع كما يقال .
تلك الفتاة صحيح أنها كانت تتواصل مع الكلاب بلغتهم لكن سلوكها كان متوحشاً أيضاً , كانت تعضّ كل من اقترب منها , يوجد قصة أكثر مصداقية من قصة أوكسانا الاوكرانية , في عام 1980 م وبالتحديد في دولة نيكاراغو , تم عزل الاطفال الصم عن العالم الخارجي ولم يتم اقامة اي اتصال معهم , وبعد ثورة نيكاراغو قامت الدولة بتأسيس أول مدرسة للصم , وجمع هؤلاء الاطفال بها , ليتعلموا لغة الاشارة ليتواصلوا بها للتعبير عن أنفسهم بشكل أفضل , لكن الغريب في الأمر أن هؤلاء الأطفال اخترعوا لغة جديدة باستخدام ايماءات الوجه وحركات اليد ولغة الجسد , وعندما جاء الخبراء لتحليل اللغة التي ابتكرها هؤلاء لم يستطيعوا لصعوبتها وغنى اشاراتها .
البشر يستطيعون ابتكار لغة جديدة متى ما تطلبت الظروف , ودليل ذلك ان بلغة الاشارة تختلف من مكان الى اخر ومن دولة الى اخرى , فالصم العربي لا يفهم على الصم الاجنبي بلغة الاشارة اذا متى تصادفوا , فلغة الاشارة تعتمد على المكان التي نشأت به .
لكن هل يستطيع ان يبتكرون لغة صوتية كاملة مثل اللغة العربية او الانجليزية في حال تم عزله ؟
للاجابة على هذا السؤال لابد من اجراء تجربة الحرمان من اللغة أو التجربة المحرمة , يجب تجربتها على أطفال حديثي الولادة , بالفعل أول من قاموا بتجربة الحرمان من اللغة هم الفراعنة كما يقول المؤرخ "هيرودوت" , في عام 600 ق.م قام الفراعنة باحضار طفلين حديثي الولادة وأعطوهم لراعي وأمروه بألا يكلم هذين الطفلين اطلاقاً , فاكتشف ان هذين الطفلين قاما بابتكار لغة جديدة , وكانت أول كلمة نطقا بها هي "بيجوس" وكان يشير الطفل نحو الخبز ويقول "بيجوس" هذه الكلمة لم تكن موجودة أصلاً في لغة الفراعنة , فإعتقد الفراعنة أن اللغة الأم لهم هي اللغة التي نطق بها هذين الطفلين , الغريب ان كلمة بيجوس التي نطق بها الأطفال كانت موجودة أصلاً في اللغة الفيرغينية وكانت تعني الخبز , فاعتقد الفراعنة ان اللغة الأم لهم هي الفيرغينية كون أن الطفلين نطقوا بها بشكل فطري ودون مداخلة خارجية .
باختصار البشر لديهم قدرة على تطوير لغة جديدة اذا ما تطلبت الظروف , فلو وضعنا 100 طفل في غرفة وأغلقنا عليهم , ثم كبر هؤلاء الاطفال دون تدخل خارجي , ستجدهم يتحدثون لغة اشارة لا يفهمها غيرهم , أو بلغة صوتية أيضاً لن يفهمها غيرهم , لكن السؤال الجوهري .. من سيعلم ويربي ويرعى هؤلاء الأطفال لحين يكبروا , لأننا لو عزلناهم وابقيناهم لوحدهم على اقل تقدير سيموتون من قلة الرعاية الصحية والتربية , فمن سيعلمهم ماذا يأكلون وماذا يشربون , ماهو الجيد وما هو الضار , لكن لو افترضنا انهم استطاعو التكيف والنجاة بشكل أو بآخر , حينها لن نهتم باي لغة سيتكلمون بقدر ما سنهتم بقدر ما سنهتم بأي طباع سيتصرفون , هل سيكونوا عدوانيين ؟ هل سيكونوا من آكلي لحوم البشر لأنه لم يعلمهم أحد ما يأكلوا , فسلوكهم بالتأكيد لن يكون مشابه لسلوك طفل تربى في عائلة طبيعية .
تعليقات
إرسال تعليق